الحمـــــد لله رب العالميـــن ،،، والصـــلاة والســــلام علــى أشــرف النـبـيـيــــــــن ..
سيدنا محمــد وعلى آلــه وصحبه ، ومن أستنّ بسنته وأهتدى بهديهِ إلى يــوم الديـــن ..
فهذا حوار دار بينـي وبيــن إخـوةٍ ، نحسبهم جميعاً – والله حسيبهم – من الصالحيــن ..
كنّا علــى ضفــاف نهــر ، نناقــش أمـرنا ويحتدّ بنا الكلام ،، لكننــا لبعــض محبــيّــن ..
قال أولهم : سئــمنـا من فكـركــم هــذا ، غثــاء وسـذاجـة وتغــريـر بـالنــاس أجمعـيـــن ..
تقولون بتطبيق الشريعة ، وأنتم لا تطبقونها ولا تفهمون معانيها ، ولستـم بذلك مكلّفيـن ..
تأخذون من السُنّـة ماتحبونــه ، وتتــركـون الباقي دون دراســةٍ ، أنتـم والله مفـلسـيـــن ..
وخير دليــل فتــاوى شيـوخكــم ، تـارةً يمنـى وتـارةً يسرى ، هذا هـو الضلال المبيــن ..
أنتم جميعاً على باطل ، مهما اختلفت ألوانكم وأشكالكم ، فتيّاركم الفكري هزيل وسقيم ..
كلكم من طينة واحدة ،، طالبــييّن ، وهّابــييّن ، سلفــييّن ، بل لستــم إلا جامــيـيّــــــن ..
قلت له : رويـدك صاحبــي ، فـنـحــن ولله الحمــد والمـــنّــة ، جـمـيـعــاً مـسـلـمـيــــن ..
نؤمن بالاختلاف صراحةً ، ونحفظ لك حق التساؤل والاستبيان ، ونحن بهذا مـجـتـمعين ..
الإسلام أُنزِل كلّه ، ولم يترك بعضه في السماء ، فالقرآن والسنّة هما منهاج الصالحين ..
حفظهم الأخيار من الأزل ، وقامـوا بتـوريث دراستهم وفكرهـم وعقيدتهـم للمـتـبـعـيــن ..
كلام ربـيّ واضحٌ ، وسنةُ نبيـهِ محفوظةٌ ، لمن أراد لنفسـه اتبـاع الطـريق المستقيــم ..
ولكن لاتفَّسر تلك النصوص على أهوائنا ، ولا تُحمّل معانٍ وتأويلاتٍ تخدِم المغرضِين ..
الوحي يُأخذُ بالتلقّي لا بالهوى ،، فهناك شيــوخ ، وعـلمـاء ، ودعــــاة ، ومـفسّـريــن ..
جُلُّ أمورنا محكومةٌ ، بنصوصٍ صريحةٍ ، اتفق عليهـا معظــم أعلام الـمـسـلـمـيــــن ..
لا يقبل بعدهـا رأي مُختـلـفٍ ، ولا دراســة باحــثٍ ، ولا قول حاقدٍ من الحــاقـديــن ..
وإلا لتركنا كل ماترك لنل أسلافنا ، من جمع أحاديث وشورح عقيدة وكنوز من المفكرين ..
وهم الأقرب فهماً وإدراكاً وقناعـةً ، بل وحتى زماناً من سنّة أكـرم النـاس أجمعيــن ..
أفنترك التفسير والفقه والتوحيد وغيرهم ، لأناس كرهوا حتى دراستها ، إنني والله من المتعجبين ..
وهناك أمور آثر الله السكوت عن تبيان حكمها ، فتكون تلك مدعاة لاجتهاد المجتهدين ..
فهل نعيب عليهم اجتهادهم ، لأنهم كفونا البحث والتمحيص واظهار الحق ، ونكون عليهم منكرين ..
وأما التسميات التي أطلقتموها علينا ، لتغشية عيون الناس عن رؤية مادون خصامكم المبين ..
فطالبان هم أشراف قوم ، دفعوا عن بلادهم عدواً ، لم يكن عليه أحد من القادرين ..
لكنهم وقعوا في الغلو خسارةً ، فواجبنا نحوهم هو التبيـان والنصح ، وليس الإعراض المستديم ..
ومحمد بن عبدالوهاب هو شيخ زمان ، جمع الله على يديه قلوب أناس كانوا في الدين من المبتدعين ..
ناصره في ذلك صقر جزيرةٍ ، أقام الله على يديه دولةً ، جعلت كتاب الله هو الحاكم في أمور الدنيا والدين ..
وأما سلفُ أُمّةِ محمدٍ ، فهم أعلام ورجال تشرفوا بحمل همّ السنة المطهرة من أصحاب الضلال والمحدثين ..
والجامّي شيخ فضيل ، عاصر أئمةً في عصره ، حارب البــدع والضلالات ، ونحن له من المحبيــن ..
أمّا أن نترصّد لكل عالمٍ وشيخ وداعية ومفكر ، ونتصيّد أخطائهم وزلاتهم ، فهذا هو العدوان المبين ..
قال ثانيهم لأولهم : جاكم القرف ، مليتوا البلد ، أنتم وزمرتكم جميعاً في النار خالدين ..
تريدون جرّ العباد ورائكم ، إلى الرذائل والمنكرات ، وتريدون هدم الفضيلة والالتزام بالدين ..
ليبرالـييّن ، هوائــييّن ، علمانــييّن ، أوفٍ لكم ولأهوائكم ، فتياركم الفكري هزيل وسقيم ..
قلت له : رويـدك صاحبــي ، فـنـحــن ولله الحمــد والمـــنّــة ، جـمـيـعــاً مـسـلـمـيــــن ..
نهى كبار السلف والأئمة عن تكفير مسلم بكبيرةٍ من الكبائر ، فكيف نحكم على أحدهم أنه من الكافرين ..
قلت لتوّي أننا نؤمن بالاختلاف صراحةً ، ونحفظ للكل حق التساؤل والاستبيان ، ونحن بهذا مـجـتـمعين ..
أُمِرنَا بحسن جوار اليهودي والنصراني ، فكيف بأخيك وجارك من بني جلدتك ، أليس أحق بأن يكون من المكرمين ..
وكيف يستقيم حال أُمّـتـنا إذا أغـلقـنا باب النقاش والحوار بيــننا ، ونحن نعّد أنفسنا أِخوةً في الدين ..
نعم .. هناك حدودٌ في شرعنا ، نتفـاوض على أي شي دونـها ، ولكن مع العارفــيـن ..
لا نقدم هوى نفسنا ، ورغبات غيرنا ، على أمرٍ إذا كان فيه نصٌ واضحٌ ، فنصبح من المتشددين ..
لكـننا أيضاً لا نرى الخروج على جماعةٍ ، أمرنا رسولنا بالاعتصام بهم ، فنخرج عليهم ونكون من الضالين ..
حفظ أرواح المسلمين ودمائـهـم ، من أعظم ماجاء به ديــننا ، لايحتاج هذا حتى إلى تبــيين ..
كيف نُخرِج مسلماً عن دينه ، أكشفنا عن صدره ، وعلمنا الغيب ، وكنا من أولياء الله الصالحين ..
التسّرع في إطلاق الاتهامات مصيبةٌ ، تهوي بأصحابها ومعتقديها من أعين الناس إلى أسفل الأسفلين ..
كانت أخلاق نبينا عاليةٌ ، تقبّل النقد والجرح والطعن والاختلاف ، وكان هو لهؤلاء من الناصحين ..
أفلا نكون كمثله ، ونحن ندعو إلى إتبّاع السنة المطهّرة ، ورفع شعار التسامح والرحمة واللــين ..
هذه دعوة صادقة لأحبتي ، في شهر رمضان المبارك ، بنبذ الفرقة والاختلاف ، فكليهما سيّـئين ..
نريد أن نعيش بكرامةٍ ، متفقين جميعاً على مبادئ وأسس ، لا نقبل المساس بها ، وعلى دون ذلك مختلفــين ..
الاختلاف يزيدنا نضجاً وحكمةً ، ويرفع سقف التفاهم والتعايش بيننا ، لذلك نحن له من المؤيديــن ..
هاذي بلادي ، أحب أن أرى الجميع فيها متحابــين ، متصافــين ، متآخــين ، متقاربــين ..
اللهم احفــظ بــلاد الحرمين – موطني – وسائر بلاد العرب و المســلـمـيـــن ..
واجمع كلمتنا ، وصفِّ سريرتنا ، واجعلنا كما تحب ، كالبنيان المرصوص مصطّفـين ..
سبحان رب العزة عمّا يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمــين ..